الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات الــقــلـم الــحــــر: أيها النواب.. ﻻ تُعلوا على ما ﻻ يُعلى عليه

نشر في  01 جوان 2016  (11:42)

بقلم الأستاذ عفيف البوني


انتخبنا نواب المجلس الحالي بصفتهم مواطنين ليشرعوا لنا انطلاقا من مرجعية وحيدة هي  السيادة الشعبية الكاملة للشعب وحده التي تحددت في الدستور والذي هو أصل في الفقه الدستوري بالدول المدنية، أصل يعلو وﻻ يُعلى عليه.
هذ المبدأ، وقع اﻹنحراف عنه حين وقع التصويت في قانون البنوك على فرض استشارة من وصفوا «بعلماء أو خبراء» في غير شؤون الحياة واﻹقتصاد والمال واﻷعمال ممن ﻻ صلة لهم بميدان العلم والعمل، وكذلك مرة أخرى  حين رفضت نائبة بصفتها عضو ا في لجنة معنية بدرس «مشروع قانون المساواة في اﻹرث بين الجنسين» والذي قدمه 27 من زملائها وذهب بعض منهم الى تأجيل النظر حتى يقع اﻹستماع الى أراء المفتي ووزير الشؤون الدينيةوالمجلس اﻹسلامي اﻷعلى.
النائبة تصرفت في رفضها المطلق بتخمة أيديولوجية وادعت امتلاك حق الفيتو فزادها التعليمي جعلها تتخيل امتلاك الحقيقة المطلقة فنسيت أنها نائبة ومواطنة وتصرفت (كمسلمة) من طراز ما في تراثنا القديم، وتخيلت، وهي في باردو،  أنها تمثل المسلمين وليس التونسيين اي المواطنين أو الناخبين، مع أنهم جميعا من المؤمنين ،أما الذين فكروا في أن يقدموا مرجعية وزير الشؤون الدينية والمفتي والمجلس اﻷسلامي اﻷعلى على مرجعية الدستور والسيادة الشعبية فقد نسوا أننا ائتمناهم على مدنّية الدولة والسلطة وعلوية الدستور والسيادة الشعبية، فنسوا ذلك وسلموا أمرهم وأمرنا لموظفين في الدولة  ليس لهم  ما يضيفون في موضوع اﻹستشارة.

صحيح أنهم مسلمون ككل التونسين ولكن اﻷصح  القول أن آراءهم تلزمهم وتلزم من يشاركهم فيه من المسلمين وﻻ تلزم غيرهم من المواطنين أو المسلمين الذين يفهمون الاسلام بصيغة اخرى، ومهما تكن آراء الموظفين في الشأن الديني متفتحة أو متزمتة، فهم موظفون رسميون لهم  آراء قد تطلبها الحكومة منهم أو يطلبها منهم أي مسلم (وﻻ يطلبها أي مواطن وﻻتلزمه) فكيف يغيب عن عقل النائب ان الناخب لم يكلفه باستشارة الخبرا ء في ما هو إيمان ديني من مؤمن او من مسلم متبحر في اليقينيات الغيبية غير ذات الصلة بالدستور؟ النائب يمثل الناخب وﻻ يمثل الله، والموظفون في الشؤون الدينية يصيبون ويخطئون في فهم الدين وفي ما يفتون به للمسلمين، وهم ليسوا من يصح استشارتهم في شؤون الدولة والشأن العام، فلا تعلوا على علوية الدستور ما ﻻ يعلى عليه، أي ﻻ تتلاعبوا بمصدر شرعيتكم  أيها النواب وتصرفوا كمواطنين منتخبين وحدكم لكم أهلية التشريع لنا.